
يُعد التحليل الفني من أكثر الأساليب انتشاراً في تداول العملات الرقمية، إذ يعتمد على دراسة الرسوم البيانية للأسعار والمؤشرات المختلفة بهدف توقع حركة السوق. ويرتكز هذا الأسلوب على فرضية أن الأنماط السعرية التاريخية غالباً ما تتكرر بدرجة معينة، كما أن للأسواق الرقمية نمطاً سلوكياً يمكن ملاحظته. ونظراً لتقلبات أسواق العملات الرقمية، تحول التحليل الفني إلى أداة محورية لدى الكثير من المتداولين لتطوير استراتيجيات تداول متقدمة، وإدارة المخاطر، وتحديد أفضل نقاط الدخول والخروج.
يتضمن التحليل الفني للعملات الرقمية مجموعة متنوعة من الأساليب والأدوات، وتتميز كل منها بتطبيقاتها وقيمتها الفريدة:
تحليل أنماط الرسوم البيانية: من بينها الرأس والكتفين، والقيعان المزدوجة، والمثلثات، والأعلام، والقنوات، وتبرز هذه الأنماط بشكل واضح في أسواق العملات الرقمية، ما يساعد المتداولين على رصد فرص اختراق الأسعار أو انعكاسها.
رسوم الشموع اليابانية: تعرض الشموع اليابانية أسعار الفتح والإغلاق والحد الأعلى والأدنى بشكل بصري، وتُستخدم مجموعات محددة من الشموع مثل المطرقة، ونمط الابتلاع، ونجمة الصباح، ونجمة المساء لرصد تغيرات اتجاه السوق.
المؤشرات الفنية:
تصحيحات وامتدادات فيبوناتشي: أدوات تستند إلى النسبة الذهبية لتحديد مستويات الدعم والمقاومة المحتملة، وتُستخدم بكثافة في أسواق العملات الرقمية
نظرية موجات إليوت: تعتمد على تحليل حركة الأسعار عبر خمس موجات صاعدة وثلاث موجات هابطة، وتُستخدم كمؤشر مرجعي لتوقع اتجاهات السوق على المدى الطويل
يؤثر التحليل الفني بشكل كبير في سوق العملات الرقمية، لكنه يواجه قيوداً واضحة. فاعتماد كثير من المتداولين على نفس أدوات التحليل الفني يجعل التوقعات تتحول أحياناً إلى واقع ذاتي التحقيق، مما يعزز من فاعليتها. إلا أن التحليل الفني قد يفشل أمام الأحداث الإخبارية الكبرى أو التغييرات التنظيمية أو المفاجآت الأساسية في السوق. كما أن التداول المستمر على مدار الساعة، والطبيعة العالمية للأسواق، وغياب آليات التسعير الموحدة، كلها عوامل تزيد من تعقيد تطبيق التحليل الفني.
تتجلى أهمية التحليل الفني في تداول العملات الرقمية بوضوح، فرغم أنه لا يمنح توقعات دقيقة بنسبة 100%، إلا أنه يمثل أداة دعم قرار فعالة تساعد المتداول على فهم ديناميكيات السوق بصورة منهجية، وبناء خطط تداول، وإدارة المخاطر. غالباً ما يمزج المتداولون الناجحون بين التحليل الفني والتحليل الأساسي، ليراعوا معنويات السوق والعوامل الاقتصادية الكلية وتطورات المشاريع، ويكوّنوا بذلك رؤية أكثر عمقاً وشمولاً للسوق.


